بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. قال الشيخ الإمام المحقق أبو الفضل تاج الدين أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطاء الله السكندري:
1. مِنْ عَلامَةِ الاعْتِمادِ عَلى العَمَلِ نُقْصانُ الرَّجاءِ عِنْدَ وُجودِ الزَّللِ.
2. إرادَتُكَ التَّجْريدَ مَعَ إقامَةِ اللهِ إيّاكَ في الأسْبابِ مِنَ الشَّهْوَةِ الخَفيَّةِ، وإرادَتُكَ الأَسْبابَ مَعَ إقامَةِ اللهِ إيّاكَ فِي التَّجْريدِ انْحِطاطٌ عَنِ الهِمَّةِ العَلِيَّةِ.
3. سَوَابِقُ الهِمَمِ لا تَخْرِقُ أَسْوارَ الأَقْدارِ.
4. أَرِحْ نَفْسَكَ مِنَ التَّدْبيرِ. فَما قامَ بِهِ غَيرُكَ عَنْكَ لا تَقُمْ بهِ لِنَفْسِكَ.
5. اجْتِهادُكَ فيما ضُمِنَ لَكَ وَتَقصيرُكَ فيما طُلِبَ مِنْكَ دَليلٌ عَلى انْطِماسِ البَصيرَةِ مِنْكَ.
6. لا يَكُنْ تأَخُّرُ أَمَدِ العَطاءِ مَعَ الإلْحاحِ في الدُّعاءِ مُوْجِباً لِيأْسِكَ. فَهُوَ ضَمِنَ لَكَ الإِجابةَ فيما يَخْتارُهُ لَكَ لا فيما تَخْتارُهُ لِنَفْسِكَ. وَفي الوَقْتِ الَّذي يُريدُ لا فِي الوَقْتِ الَّذي تُرْيدُ.
7. لا يُشَكّكَنَّكَ في الوَعْدِ عَدَمُ وُقوعِ المَوْعودِ، وإنْ تَعَيَّنَ زَمَنُهُ؛ لِئَلّا يَكونَ ذلِكَ قَدْحاً في بَصيرَتِكَ وإخْماداً لِنُوْرِ سَريرَتِكَ.
8. إذا فَتَحَ لَكَ وِجْهَةً مِنَ التَّعَرُّفِ فَلا تُبْالِ مَعَها إنْ قَلَّ عَمَلُكَ. فإِنّهُ ما فَتَحَها لَكَ إلا وَهُوَ يُريدُ أَنْ يَتَعَرَّفَ إِليْكَ؛ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ التَّعَرُّفَ هُوَ مُوْرِدُهُ عَلَيْكَ والأَعْمالَ أَنْتَ مُهديها إلَيهِ. وَأَينَ ما تُهْديه إلَيهَ مِمَّا هُوُ مُوِرُدهُ عَلَيْكَ ؟
9. تَنَوَّعَتْ أَجْناسُ الأَعْمالِ لَتَنَوُّعِ وارِداتِ الأَحْوالِ
10. الأَعْمالُ صُوَرٌ قَائَمةٌ، وَأَرْواحُها وُجودُ سِرِّ الإِخْلاصِ فِيها.
11. ادْفِنْ وُجودَكَ في أَرْضِ الخُمولِ، فَما نَبَتَ مِمّا لَمْ يُدْفَنْ لا يَتِمُّ نِتاجُهُ.
12. ما نَفَعَ القَلْبَ شَيء مِثْلُ عُزْلةٍ يَدْخُلُ بِها مَيْدانَ فِكْرَةٍ.
13. كَيْفَ يُشْرِقُ قَلْبٌ؛ صُوَرُ الأَكْوانِ مُنْطَبِعَةٌ في مِرْآتهِ؟ أَمْ كَيْفَ يَرْحَلُ إلى اللهِ وَهُوَ مُكَبَّلٌ بِشَهْواتِهِ؟ أَمْ كَيْفَ يَطمَعُ أنْ يَدْخُلَ حَضْرَةَ اللهِ وَهُوَ لَمْ يَتَطَهَرْ مِنْ جَنْابِةِ غَفْلاتِهِ؟ أَمْ كَيْفَ يَرْجو أَنْ يَفْهَمَ دَقائِقَ الأَسْرارِ وَهُوَ لَمْ يَتُبْ مِنْ هَفْواتِهِ؟
14. الكونُ كلُّهُ ظُلْمةٌ وإِنَّما أَنارَهُ ظُهورُ الحقِّ فيهِ. فَمَنْ رَأى الكَوْنَ وَلَمْ يَشْهَدْهُ فيهِ أَوْ عِنْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَه فَقَدْ أَعْوَزَهُ وُجودُ الأَنْوارِ. وَحُجِبَتْ عَنْهُ شُموسُ المعارِفِ بِسُحُبِ الآثارِ.
15. مِمّا يَدُلُّكَ عَلَى وُجُودِ قَهْرِهِ سُبْحانَهُ أَنْ حَجَبَكَ عَنْهُ بِما لَيْسَ بِمَوْجودٍ مَعَهُ.
16. كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ الَّذِي أَظْهَرَ كُلَّ شَيءٍ!. كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ الَّذِي ظَهَرَ بِكُلِّ شَيءٍ!. كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ الَّذِي ظَهَرَ في كُلِّ شَيءٍ!. كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ الَّذِي ظَهَرَ لِكُلِّ شَيءٍ!. كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ الظّاهِرُ قَبْلَ وُجودِ كُلِّ شَيءٍ!. كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ!. كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ الواحِدُ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ شَيءٌ!. كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَيْكَ مِنْ كُلِّ شَيءٍ!. وكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَلولاهُ ما كانَ وُجودُ كُلِّ شَيءٍ! . يا عَجَباً كَيْفَ يَظْهَرُ الوُجودُ في العَدَمِ!. أَمْ كَيْفَ يَثْبُتُ الحادِثُ مَعَ مَنْ لَهُ وَصْفُ القِدَمِ!
17. ما تَرَكَ مِنَ الجَهْلِ شَيْئاً مَنْ أَرادَ أَنْ يَحْدُثَ في الوَقْتِ غَيْرُ ما أَظْهَرَهُ اللهُ فيِهِ.
18. إِحالَتُكَ الأَعْمالَ عَلَى وٌجودِ الفَراغِ مِنْ رُعُوناتِ النَفْسِ.
19. لا تَطْلُبْ مِنْهُ أَن يُخْرِجَكَ مِنْ حالةٍ لِيَسْتَعْمِلَكَ فيما سِواها. فَلَوْ أَرادَ لاسْتَعْمَلَكَ مِنْ غَيْرِ إِخْراجٍ.
20. ما أَرادَتْ هِمَّةُ سالِكٍ أَنْ تَقِفَ عِنْدَ ما كُشِفَ لَها إلا وَنادَتْهُ هَواتِفُ الحَقيقةِ: الَّذي تَطْلُبُ أَمامَكَ. وَلا تَبَرَّجَتْ ظَواهِرُ المُكَوَّناتِ إلا وَنادَتْهُ حَقائِقُها: (إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ).
21. طَلَبُكَ مِنهُ اتِّهامٌ لَهُ. وَطَلَبُكَ لَهُ غَيْبَةٌ مِنْكَ عَنْهُ. وَطَلَبُكَ لِغَيْرِهِ لِقِلَّةِ حَيائِكَ مِنْهُ. وَطَلَبُكَ مِنْ غَيْرِهِ لِوُجودِ بُعْدِكَ عَنْهُ.
22. ما مِنْ نَفَسٍ تُبْدْيهِ إلّا وَلَهُ قَدَرٌ فيكَ يُمْضيهِ.
23. لا تَتَرقَّبْ فُروغَ الأَغْيارِ، فإنَّ ذلِكَ يَقْطَعُكَ عَنْ وُجودِ المُراقَبَةِ لَهُ فيما هُوَ مُقيمُكَ فيهِ.
24. لا تَسْتَغْرِبْ وُقوعَ الأَكْدارِ ما دُمْتَ في هذهِ الدّارِ. فإنَّها ما أَبْرَزَتْ إلّا ما هُوَ مُسْتَحِقُّ وَصْفِها وَواجِبُ نَعْتِها.
25. ما تَوَقَّفَ مَطْلَبٌ أنْتَ طالِبُهُ بِرَبِّكَ. وَلا تَيَسَّرَ مَطْلَبٌ أَنْتَ طالِبُهُ بِنَفْسِكَ.
26. مِنْ عَلاماتِ النُّجْحِ في النِّهاياتِ، الرُّجوعُ إلى اللهِ في البِداياتِ.
27. مَنْ أَشْرَقَتْ بِدايَتُهُ أَشْرَقَتْ نِهايَتُهُ.
28. ما اسْتُوْدِعَ في غَيْبِ السَّرائِرِ، ظَهَرَ في شَهادةِ الظَّواهِرِ.
29. شَتَّانَ بَينَ مَنْ يَسْتَدِلُّ بِهِ أَوْ يَسْتَدِلُّ عَلَيِهِ. المُسْتَدِلُّ بِهِ عَرَفَ الحَقَّ لأَهْلِهِ، فأَثْبَتَ الأَمْرَ مِنْ وُجودِ أَصْلِهِ. وَالاسْتِدْلالُ عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ الوُصولِ إليَهِ. وَإلّا فَمَتى غابَ حَتّى يُسْتَدَلَّ عَلَيْهِ؟! وَمَتى بَعُدَ حَتّى تَكونَ الآثارُ هِيَ الَّتي تُوْصِلُ إلَيْهِ؟!
30. لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ الواصِلونَ إلَيْهِ. مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ السّائِرونَ إلَيْهِ.
31. اهْتَدى الرّاحِلونَ إلَيْهِ بِأَنْوارِ التَّوَجُّهِ، وَالواصِلونَ لَهُمْ أنْوارُ المُواجَهَةِ. فَالأوَّلونَ لِلأنْوارِ، وَهؤلاءِ الأنْوارُ لَهُمْ، لأنَّهُمْ للهِ لا لِشَيءٍ دونَهُ. (قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ).
32. تَشَوُّفُكَ إلى ما بَطَنَ فيكَ مِنَ العُيوبِ خَيْرٌ مِنْ تَشَوُّفِكَ إلى ما حُجِبَ عَنْكَ مِنَ الغُيوبِ.
33. الحَقُّ لَيْسَ بِمَحْجوبٍ، وإنَّما المَحْجوبُ أَنْتَ عَنِ النَّظَرِ إلَيْهِ. إذْ لَوْ حَجَبَهُ شَيءٌ لَسَتَرَهُ ما حَجَبَهُ، وَلَوْ كانَ لَهُ ساتِرٌ لَكانَ لِوُجودِهِ حاصِراً، وَكُلُّ حاصِرٍ لِشَيءٍ فَهَوَ لَهُ قاهِرٌ، (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ).
34. اخْرُجْ مِنْ أوْصافِ بَشَرِيَّتِكَ عَنْ كُلِّ وَصْفٍ مُناقِضٍ لِعُبوديَّتِكَ لِتَكونَ لِنِداءِ الحَقِّ مُجيباً، ومِنْ حَضْرَتِهِ قَريباً.
35. أَصْلُ كُلِّ مَعْصِيَةٍ وَغَفْلَةٍ وَشَهْوةٍ؛ الرِّضا عَنِ النَّفْسِ. وَأَصْلُ كُلِّ طاعَةٍ وَيَقَظَةٍ وَعِفَّةٍ؛ عَدَمُ الرِّضا مِنْكَ عَنْها. وَلَئِنْ تَصْحَبَ جاهِلاً لا يَرْضى عَنْ نَفْسِهِ خَيرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَصْحَبَ عالِماً يَرْضى عَنْ نَفْسِهِ. فأَيُّ عِلْمٍ لِعالِمٍ يَرْضى عَنْ نَفْسِهِ وَأَيُّ جَهْلٍ لِجاهِلٍ لا يَرْضى عَنْ نَفْسِهِ
36. شُعاعُ البَصيَرةِ يُشْهِدُكَ قُرْبَهُ مِنْكَ. وَعَيْنُ البَصيرَةِ تُشْهِدُكَ عَدَمَكَ لِوُجودِهِ. وَحَقُّ البَصيرَةِ يُشْهِدُكَ وُجودَهُ، لا عَدَمَكَ وَلا وُجودَكَ.
37. كانَ اللهُ وَلا شَيْءَ مَعَهُ، وَهُوَ الآنَ عَلَى ما عَلَيْهِ كانَ.
38. لا تَتَعَدَّ نِيَّةُ هِمَّتِكَ إلى غَيْرِهِ؛ فَالْكَريمُ لا تَتَخَطّاهُ الآمالُ.
39. لا تَرْفَعَنَّ إلى غَيْرِهِ حاجَةً هُوَ مُوْرِدُها عَلَيْكَ. فَكَيْفَ يَرْفَعُ غَيْرُهُ ما كانَ هُوَ لَهُ واضِعاً! مَنْ لا يَسْتَطيعُ أَنْ يَرْفَعَ حاجَةً عَنْ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَسْتَطيعُ أنْ يَكونَ لَها عَنْ غَيْرِهِ رافِعاً.
40. إنْ لَمْ تُحْسِنْ ظَنَّكَ بِهِ لأَجْلِ حُسْنِ وَصْفِهِ، فَحَسِّنْ ظنَّكَ بِهِ لِوُجودِ مُعامَلَتِهِ مَعَكَ. فَهَلْ عَوَّدَكَ إلّا حَسَناً! وَهَلْ أَسْدى إلَيْكَ إلّا مِنَناً؟!
41. العَجَبُ كُلُّ العَجَبِ مِمَّنْ يَهْرُبُ مِمَّنْ لا انْفِكاكَ لَهُ عَنْهُ، وَيَطْلُبُ ما لا بَقاءَ لَهُ مَعَهُ. فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ.
42. لا تَرْحَلْ مِنْ كَوْنٍ إلى كَوْنٍ فَتَكونَ كَحِمارِ الرَّحى؛ يَسيرُ وَالمَكانُ الَّذي ارْتَحَلَ إلَيْهِ هُوَ الَّذي ارْتَحَلَ عَنْهُ. وَلكِنِ ارْحَلْ مِنْ الأَكْوان إلى المُكَوِّنِ، وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى. وَانْظُرْ إلى قَوْلِهِ - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "فَمَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسولِهِ، وَمَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيا يُصيبُها أو امْرأةٍ يَتَزَوَّجُها فَهِجْرَتُهُ إلى ما هاجَرَ إلَيْهِ". فافْهَمْ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - وَتَأمَّلْ هذا الأمْرَ إنْ كُنْتَ ذا فَهْمٍ .. والسَّلامُ.
43. لا تَصْحَبْ مَنْ لا يُنْهِضُكَ حالُهُ وَلا يَدُلُّكَ عَلَى اللهِ مَقالُهُ.
44. رُبَّما كُنْتَ مُسيئاً فَأَراكَ الإحْسانَ مِنْكَ، صُحْبَتُكَ مَنْ هُوَ أَسوأ حالاً مِنَكَ.
45. ما قَلَّ عَمَلٌ بَرَزَ مِنْ قَلْبِ زاهِدٍ، وَلا كَثُرَ عَمَلٌ بَرَزَ مِنْ قَلْبِ راغِبٍ
46. حُسْنُ الأَعْمالِ نَتائِجُ حُسْنِ الأَحْوالِ، وَحُسْنُ الأَحْوالِ مِنَ التَّحَقُّقِ في مَقاماتِ الإِنْزالِ.
47. لا تَتْرُكِ الذِّكْرَ لِعَدَمِ حُضورِكَ مَعَ اللهِ فيهِ، لِأَنَّ غَفْلَتَكَ عَنْ وُجودِ ذِكْرهِ أَشَدُّ مِنْ غَفْلتِكَ في وُجودِ ذِكْرِهِ. فَعَسى أَنْ يَرْفَعَكَ مِنْ ذِكْرٍ مَعَ وُجودِ غَفْلةٍ إلى ذِكْرٍ مَعَ وُجودِ يَقَظَةٍ، وَمِنْ ذِكِرٍ مَعَ وُجودِ يَقَظَةٍ إلى ذِكِرٍ مَعَ وُجودِ حُضورٍ، وَمِنْ ذِكِرٍ مَعَ وُجودِ حُضورٍ إلى ذِكِرٍ مَعَ وُجودِ غَيْبَةٍ عَمّا سِوَى المَذْكورِ، (وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ(
48. مِنْ عَلاماتِ مَوْتِ القَلْبِ عَدَمُ الحُزْنِ عَلَى ما فاتَكَ مِنَ المُوافَقاتِ. وتَرْكُ النَّدَمِ عَلَى ما فَعَلْتَهُ مِنْ وُجودِ الزَّلّاتِ.
49. لا يَعْظُمِ الذَنْبُ عِنْدَكَ عَظَمَةً تَصُدُّكَ عَنْ حُسْنِ الظَّنِّ باللهِ تَعالى، فإنَّ مَنْ عَرَفَ رَبَّهُ اسْتَصْغَرَ في جَنْبِ كَرَمِهِ ذَنْبَهُ.
50. لا صَغيرَةَ إِذا قابَلَكَ عَدْلُهُ. وَلا كَبيرَةَ إِذا واجَهَكَ فَضْلُهُ.
51. لا عَمَلَ أَرْجى لِلْقُلوبِ مِنْ عَمَلٍ يَغيبُ عَنْكَ شُهودُهُ ويُحْتَقَرُ عِنْدَك وُجودُهُ.
52. إنَّما أَوْرَدَ عَلَيْكَ الوارِدَ لِتَكونَ بِهِ عَلَيْهِ وارِداً.
53. أَوْرَدَ عَلَيْكَ الوارِدَ لِيَتَسَلَّمَكَ مِنْ يَدِ الأَغْيارِ. وَلِيُحَرِّرَكَ مِنْ رِقِّ الآثارِ.
54. أَوْرَدَ عَلَيْكَ الوارِدَ لِيُخْرِجَكَ مِنْ سِجْنِ وُجودِكَ إلى فَضاءِ شُهودِكَ.
55. الأنْوارُ مَطايا القُلوبِ وَالأَسْرارِ.
56. النّورُ جُنْدُ القَلْبِ، كَما أَنَّ الظُلْمَةَ جُنْدُ النَفْسِ. فإذا أرادَ اللهُ أنْ يَنْصُرَ عَبْدَهُ أَمَدَّهُ بِجُنودِ الأَنْوارِ وَقَطَعَ عَنْهُ مَدَدَ الظُلَمِ وَالأَغْيارِ.
57. النّورُ لَهُ الكَشْفُ. وَالبَصيرَةُ لَها الحُكْمُ. وَالقَلْبُ لَهُ الإقْبالُ وَالإدْبارُ.
58. لا تُفْرِحْكَ الطّاعَةُ لأَنَّها بَرَزتْ مِنَكَ، وَافْرَحْ بِها لأَنَّها بَرَزتْ مِنَ اللهِ إلَيْكَ. قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ.
59. قَطَعَ السّائِرينَ لَهُ وَالواصِلينَ إلَيْهِ عَنْ رُؤْيةِ أَعْمالِهِمْ وَشُهودِ أحْوالِهِمْ. أمّا السّائِرونَ فَلِأنَّهُمْ لَمْ يَتَحَقَّقوا الصِّدْقَ مَعَ اللهِ فيها، وَأمّا الواصِلونَ فَلِأنَّهُ غَيَّبَهُمْ بِشُهودِهِ عَنْها.
60. ما بَسَقَتْ أَغْصانُ ذُلٍّ إلّا عَلى بِذْرِ طَمَعٍ.
61. ما قادَكَ شَيْءٌ مِثْلُ الوَهْمِ.
62. أنْتَ حُرٌ مِمّا أنْتَ عَنْهُ آيِسٌ. وَعَبْدٌ لِما أنْتَ لَهُ طامِعٌ.
63. مَنْ لَمْ يُقْبِلْ عَلى اللهِ بِمُلاطَفاتِ الإحْسانِ قِيْدَ إلَيْهِ بِسَلاسِلِ الامْتِحانِ.
64. مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النِّعَمَ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِزَوالِها، وَمَنْ شَكَرَها فَقَدْ قَيَّدَها بِعِقالِها.
65. خَفْ مِنْ وُجودِ إحْسانِهِ إلَيْكَ وَدَوامِ إساءَتِكَ مَعَهُ أنْ يَكونَ ذلِكَ اسْتِدْراجاً لَكَ. سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ.
66. مِنْ جَهْلِ المُريدِ أنْ يُسيءَ الأَدَبَ فَتُؤَخَّرَ العُقوبةُ عَنْهُ، فَيَقولَ: لَوْ كَانَ هذا سُوءَ أدَبٍ لَقَطَعَ الإِمْدادَ وَأَوْجَبَ الإِبْعادَ. فَقَدْ يَقْطَعُ المَدَدَ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلّا مَنْعُ المَزيدِ. وَقَدْ يُقامُ مَقامَ البُعْدَ وَهُوَ لا يَدْري، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلّا أنْ يُخَلِّيَكَ وَما تُريدُ.
67. إذا رَأيْتَ عَبْداً أقامَهُ اللهُ تَعالى بِوجودِ الأوْرادِ، وَأَدامَهُ عَلَيْها مَعَ طولِ الإمْدادِ، فَلا تَسْتَحْقِرَنَّ ما مَنَحَهُ مَوْلاهُ لِأَنَّكَ لَمْ تَرَ عَلَيْهِ سِيما العارِفينَ وَلا بَهْجَةَ المُحِبّينَ؛ فَلَوْلا وارِدٌ ما كانَ وِرْدٌ.
68. قَوْمٌ أَقامَهُمُ الحَقُّ لِخِدْمَتِهِ وَقَوْمٌ اخْتَصَّهُمْ بِمَحَبَّتِهِ (كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً)
69. قَلَّ ما تَكونُ الوارِداتُ الإلهيَّةُ إلّا بَغْتَةً، صِيانَةً لَها أَنْ يَدَّعِيَها العِبادُ بِوُجودِ الاسْتِعْدادِ.
70. مَنْ رَأيْتَهُ مُجيباً عَنْ كُلِّ ما سُئِلَ، وَمُعَبِّراً عَنْ كُلِّ ما شَهِدَ، وَذاكِراً كُلَّ ما عَلِمَ، فاسْتَدِلَّ بِذلِكَ عَلى وُجودِ جَهْلِهِ.
71. إنَّما جَعَلَ الدّارَ الآخِرَةَ مَحَلّاً لِجَزاءِ عِبادِهِ المُؤْمِنينَ؛ لأَنَّ هَذِهِ الدّارَ لا تَسَعُ ما يُريدُ أنْ يُعْطِيَهُمْ. وَلِأَنَّهُ أَجَلَّ أَقْدارَهُمْ عَنْ أنْ يُجازِيَهُمْ في دارٍ لا بَقاءَ لَها.
72. مَنْ وَجَدَ ثَمَرَةَ عَمَلِهِ عاجِلاً فَهُوَ دَليلٌ عَلى وُجودِ القَبولِ آجلاً.
73. إذا أَرَدْتَ أنْ تَعْرِفَ قَدْرَكَ عِنْدَهُ فانْظُرْ في ماذا يُقيمَكَ.
74. مَتى رَزَقَكَ الطّاعَةَ وَالغِنى بِهِ عَنْها فَاعْلَمْ أنَّهُ قَدْ أَسْبَغَ عَلَيْكَ نِعَمَهُ ظاهِرةً وَباطِنَةً.
75. خيرُ ما تَطْلُبُهُ مِنْهُ ما هُوَ طالِبُهُ مِنْكَ.
76. الحُزْنُ عَلى فُقْدانِ الطّاعةِ مَعَ عَدَمِ النُّهوضِ إلَيْها مِنْ عَلاماتِ الاغْتِرارِ.
77. ما العارِفُ مَنْ إذا أَشارَ وَجَدَ الحَقَّ أَقرَبَ إلَيْهِ مِنْ إِشارَتِهِ. بَلِ العارِفُ مَنْ لا إِشارَةَ لَهُ، لِفَنائِهِ في وُجودِهِ وَانْطِوائِهِ في شُهودِهِ.
78. الرَّجاءُ ما قارَنَهُ عَمَلٌ، وإلّا فَهُوَ أُمْنِيَةٌ
79. مَطْلَبُ العارِفينَ مِنَ اللهِ تَعالى الصِّدْقُ في العُبودِيَّةِ وَالقِيامُ بِحُقوقِ الرُّبوبِيَّةِ.
80. بَسَطَكَ كَيْ لا يُبْقِيَكَ مَعَ القَبْضِ، وَقَبَضَكَ كَيْ لا يَتْرُكَكَ مَعَ البَسْطِ، وَأَخرَجَكَ عَنْهُما كَيْ لا تَكونَ لِشَيْءٍ دونَهُ.
81. العارِفونَ إِذا بُسِطوا أَخْوَفُ مِنْهُمْ إِذا قُبِضُوا، وَلا يَقِفُ عَلى حُدودِ الأَدَبِ في البَسْطِ إلا قَليلٌ.
82. البَسْطُ تأخُذُ النَّفْسُ مِنْهُ حَظَّها بِوجودِ الفَرَحِ، وَالقَبْضُ لا حَظَّّ للنَّفْسِ فيِهِ.
83. رُبَّما أَعْطاكَ فَمَنَعَكَ وَرُبَّما مَنَعَكَ فأَعْطاكَ.
84. مَتى فَتَحَ لَكَ بابَ الفَهْمِ في المَنْعِ عادَ المَنْعُ عَيْنَ العَطاءِ.
85. الأَكْوانُ ظاهِرُها غِرَّةٌ وَباطِنُها عِبْرَةٌ. فَالنَّفْسُ تَنْظُرُ إلى ظاهِرِ غِرَّتِها، وَالقَلْبُ يَنْظُرُ إلى باطِنِ عِبْرَتِها.
86. إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَكونَ لَكَ عِزٌ لا يَفْنى، فَلا تَسْتَعِزَّنَّ بِعِزٍّ يَفْنى.
87. الطَّيُّ الحَقيقيُّ أَنْ تَطْويَ مَسافَةَ الدُّنْيا عَنكَ حَتى تَرى الآخِرَةَ أَقْرَبَ إِليْكَ مِنْكَ.
88. العَطاءُ مِنَ الخَلْقِ حِرْمانٌ. والمَنْعُ مِنَ اللهِ إِحسانٌ.
89. جَلَّ رَبُّنا أَنْ يُعامِلَهُ العَبْدُ نَقْداً فَيُجازِيَهُ نَسْيئَةً.
90. كَفى مِنْ جَزائِهِ إيّاكَ عَلى الطّاعَةِ أَنْ رَضِيَكَ لَها أَهلاً.
91. كَفى العامِلينَ جَزاءً ما هُوَ فَاتِحُهُ عَلى قُلوبِهم في طاعَتِهِ، وَما هُوَ مُوْرِدُهُ عَلَيْهِمْ مِنْ وُجودِ مُؤانَسَتِهِ.
92. مَنْ عَبَدَه لِشَيْءٍ يَرْجوهُ مِنْهُ أَوْ لِيَدْفَعَ بِطاعَتِهِ وُرودَ العُقوبَةِ عَنْهُ، فَما قامَ بِحَقِّ أَوْصافِهِ.
93. مَتى أعْطاكَ أَشْهَدَكَ بِرَّهُ، وَمَتى مَنَعَكَ أَشْهَدَكَ قَهْرَهُ. فَهُوَ في كُلِّ ذلِكَ مُتَعَرِّفٌ إلَيْكَ وَمُقْبِلٌ بِوُجودِ لُطْفِهِ عَلَيْكَ.
94. إنَّما يُؤلِمُكَ المَنْعُ لِعَدَمِ فَهْمِكَ عَنِ اللهِ فيهِ.
95. رُبَّما فَتَحَ لَكَ بابَ الطّاعَةِ وَما فَتَحَ لَكَ بابَ القَبولِ. وَرُبَّما قَضى عَلَيْكَ بِالذَّنْبِ فَكانَ سَبَبَاً في الوُصولِ.
96. مَعْصِيَةٌ أَورَثَتْ ذُلاً وافْتِقاراً خَيرٌ مِنْ طاعَةٍ أوْرَثَتْ عِزّاً وَاسْتِكْباراً.
97. نِعْمَتانِ ما خَرَجَ مَوْجودٌ عَنْهُما، وَلا بُدَّ لِكُلِّ مُكَوَّنٍ مِنْهُما: نِعْمَةُ الإيجادِ، وَنِعْمَةُ الإِمْدادِ.
98. أَنْعَمَ عَلَيْكَ أوَّلاً بالإيجادِ وَثانِياً بِتَوالي الإمْدادِ.
99. فاقَتُكَ لكَ ذاتِيَّةٌ، وَوُرودُ الأسْبابِ مُذَكِّراتٌ لَكَ بِما يَخْفى عَلَيْكَ مِنْها، وَالفاقةُ الذّاتِيَّةُ لا تَرْفَعُها العَوارِضُ.
100. خَيْرُ أوْقاتِكَ وَقْتٌ تَشْهَدُ فيهِ وُجودَ فاقَتِكَ. وَتُرَدُّ فيهِ إلى وُجودِ ذِلَّتِكَ.
101. مَتى أَوْحَشَكَ مِنْ خَلْقِهِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ يُريدُ أَنْ يَفْتَحَ لَكَ بابَ الأُنْسِ بهِ.
102. مَتى أطْلَقَ لِسانَكَ بِالطَّلَبِ فَاعْلَمْ أنَّهُ يُريدُ أنْ يُعْطِيَكَ.
103. العارِفُ لا يَزولُ اضْطِرارُهُ، وَلا يَكونُ مَعَ غَيْرِ اللهِ قَرارُهُ.
104. أنارَ الظَّواهِرَ بِأنْوارِ آثارهِ، وَأنارَ السّرَائِرَ بِأنْوارِ أوْصافِهِ. لِأَجْلِ ذلِكَ أَفَلَتْ أنْوارُ الظَّواهِرِ، وَلَمْ تَأفلْ أنْوارُ القُلوبِ وَالسَّرائرِ وَلِذلِكَ قِيلَ: إنّ شَمْسَ النَّهارِ تَغْرُبُ بِاللَيـلِ وَشَمْسُ القُلوبِ لَيْسَتْ تَغيبُ
105. ليُخَفِّفْ أَلمَ البَلاءِ عَلَيْكَ عِلْمُكَ بِأَنَّهُ سُبْحانَهُ هُوَ المُبْلي لَكَ. فَالَّذي واجَهَتْكَ مِنْهُ الأقْدارُ هُوَ الَّذي عَوَّدَكَ حُسْنَ الاخْتِيارِ.
106. مَنْ ظَنَّ انْفِكاكَ لُطْفِهِ عَنْ قَدَرِهِ فَذلِكَ لِقُصورِ نَظَرِهِ.
107. لا يُخافُ عَلَيْكَ أنْ تَلتَبِسَ الطَّريقُ عَلَيْكَ، وَإنَّما يُخافُ عَلَيْكَ مِنْ غَلَبَةِ الهَوى عَلَيْكَ.
108. سُبْحانَ مَنْ سَتَرَ سِرَّ الخُصوصِيَّةِ بِظُهورِ البَشَرِيَّةِ، وَظَهَرَ بِعَظَمَةِ الرُّبوبِيَّةِ في إظْهارِ العُبُودِيَّةِ.
109. لا تُطالِبْ رَبَّكَ بِتَأَخُّرِ مَطْلَبِكَ وَلكِنْ طالِبْ نَفْسَكَ بِتَأَخُّرِ أَدَبِكَ.
110. مَتى جَعَلَكَ في الظَّاهِرِ مُمْتَثِلاً لِأَمْرِهِ، وَرَزَقَكَ في الباطِنِ الاسْتِسْلامَ لِقَهْرِهِ، فَقَدْ أَعْظَمَ المِنَّةَ عَلَيْكَ.
111. لَيْسَ كُلُّ مَنْ ثَبَتَ تَخْصيصُهُ كَمُلَ تَخْليصُهُ.
112. لا يَسْتَحْقِرُ الوِرْدَ إلا جَهولٌ. الوارِدُ يُوْجَدُ في الدّارِ الآخِرَةِ، وَالوِرْدُ يَنطَوي بانْطِواءِ هذِهِ الدّارِ. وأَوْلى ما يُعْتَنى بِهِ: ما لا يُخْلَفُ وُجودُه. الوِرْدُ هُوَ طالِبُهُ مِنْكَ، وَالوارِدُ أنْتَ تَطْلُبُهُ مِنْهُ. وَأيْنَ ما هُوَ طالِبُهُ مِنْكَ مِمّا هُوَ مَطْلَبُكَ مِنْهُ؟!
113. وُرودُ الإمْدادِ بِحَسَبِ الاسْتِعْدادِ. وَشُروقُ الأنْوارِ عَلى حَسَبِ صَفاءِ الأسْرارِ.
114. الغافِلُ إذا أَصْبَحَ يَنْظُرُ ماذا يَفْعَلُ، وَالعاقِلُ يَنْظُرُ ماذا يَفْعَلُ اللهُ بِهِ.
115. إنَّما يَسْتَوْحَشُ العُبّادُ وَالزُّهّادُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لِغَيْبَتِهِمْ عَنِ اللهِ في كُلِّ شَيْءٍ. فَلَوْ شَهِدوهُ في كُلِّ شَيْءٍ لَمْ يَسْتَوْحِشوا مِنْ شَيْءٍ.
116. أَمَرَكَ في هذِهِ الدّارِ بِالنَّظَرِ في مُكَوَّناتِهِ، وَسَيَكْشِفْ لَكَ في تِلَكَ الدّارِ عَنْ كَمالِ ذاتِهِ.
117. عَلِمَ مِنْكَ أنَّكَ لا تَصْبِرُ عَنْهُ فأَشهَدَكَ ما بَرَزَ مِنْهُ.
118. لمّا عَلِمَ الحَقُّ مِنْكَ وُجودَ المَلَلِ، لَوَّنَ لَكَ الطّاعاتِ. وًعَلِمَ ما فيكَ مِنْ وُجودِ الشَّرَهِ فَحَجَرَها عَلَيْكَ في بَعْضِ الأوْقاتِ، لِيَكونَ هَمُّكَ إقامَةَ الصَّلاةِ لا وُجودَ الصَّلاةِ، فَما كُلُّ مُصَلٍّ مُقيمٌ.
119. الصَّلاةُ طُهْرَةٌ لِلْقُلوبِ مِنْ أَدْناسِ الذُّنوبِ، واسْتِفْتاحٌ لِبابِ الغُيوبِ.
120. الصَّلاةُ مَحَلُّ المُناجاةِ ومَعْدِنُ المُصافاةِ؛ تَتَّسِعُ فيها مَيادينُ الأسْرارِ، وَتُشْرِقُ فيها شَوارِقُ الأنْوارِ. عَلِمَ وُجودَ الضَّعْفِ مِنْكَ فَقَلَّلَ أعْدادَها. وَعَلِمَ احْتِياجَكَ إلى فَضْلِهِ فكَثَّرَ أَمدادها.
121. مَتى طَلَبْتَ عِوَضاً عَلى عَمَلٍ، طولِبْتَ بِوجودِ الصِّدْقِ فيهِ. وَيكْفي المُريبَ وِجْدانُ السَّلامَةِ.
122. لا تَطْلُبْ عِوَضاً عَلى عَمَلٍ لَسْتَ لَهُ فاعِلاً. يَكْفي مِنَ الجَزاءِ لَكَ عَلى العَمَلِ أنْ كانَ لَهُ قابِلاً.
123. إذا أرادَ أن يُظْهِرَ فَضْلَهُ عَلَيْكَ خَلَقَ وَنَسَبَ إلَيْكَ.
124. لا نِهايةَ لِمَذامِّكَ إنْ أَرْجَعَكَ إلَيْكَ، وَلا تَفْرُغُ مَدائِحُكَ إنْ أَظْهَرَ جُودَه عَلَيْكَ.
125. كُنْ بِأوْصافِ رُبوبِيَّتِهِ مُتَعَلِّقاً وَبِأوْصافِ عُبودِيَّتِكَ مُتَحَقِّقاً.
126. مَنَعَكَ أنْ تَدَّعِيَ ما لَيْسَ لَكَ مِمّا لِلْمَخْلوقينَ، أَفَيُبيحُ لَكَ أنْ تَدَّعِيَ وَصْفَهُ، وَهُوَ رَبُّ العالمينَ؟
127. كَيْفَ تُخْرَقُ لَكَ العَوائِدُ؟ وَأنْتَ لَمْ تَخْرِقْ مِنْ نَفْسِكَ العَوائِدَ.
128. ما الشَّأْنُ وُجودُ الطَّلَبِ، إنَّما الشَّأْنُ أنْ تُرْزَقَ حُسْنَ الأَدَبِ.
129. ما طَلَبَ لكَ شَيْءٌ مِثْلُ الاضْطِرارِ، وَلا أَسْرَعَ بِالمَواهِبِ إلَيْكَ مِثْلُ الذِّلَّةِ والافْتِقارِ.
130. لَوْ أَنَّكَ لا تَصِلُ إليهِ إلّا بَعْدَ فَنَاءِ مَسَاويكَ وَمَحْوِ دَعاويكَ لَمْ تَصِلْ إلَيْهِ أَبَداً. وَلكِنْ إذا أرادَ أَنْ يُوصِلَكَ إلَيْهِ سَتَرَ وَصْفَكَ بِوَصْفِهِ، وَغَطّى نَعْتَكَ بِنَعْتِهِ، فَوَصَلَكَ إلَيْهِ بِما مِنْهُ إلَيْكَ لا بِما مِنْكَ إلَيْهِ.
131. لولا جَميلُ سَترِهِ لَمْ يَكُنْ عَمَلٌ أهْلاً لْلْقَبولِ.
132. أنْتَ إلى حِلْمِهِ إذا أَطَعْتَهُ أَحْوَجُ مِنْكَ إلى حِلْمِهِ إذا عَصَيْتَهُ.
133. السَّتْرُ عَلى قِسْمَيْنِ: سترٌ عَنِ المَعْصِيَةِ، وَسَتْرٌ فيها. فَالعامَّةُ يَطْلُبُونَ مِنَ اللهِ السَّتْرَ فيها خَشْيَةَ سُقوطِ مَرْتَبَتِهِمْ عِنْدَ الخَلْقِ، وَالخاصَّةُ يَطْلُبونَ مِنَ اللهِ السَّتْرَ عَنْها خَشْيَةَ سُقوِطِهِمْ مِنْ نَظَرِ المَلِكِ الحَقِّ.
134. مَنْ أَكْرَمَكَ إنَّما أَكْرَمَ فِيْكَ جَميلَ سَتْرِهِ. فَالحَمْدُ لِمَنْ سَتَرَكَ، لَيْسَ الحَمْدُ لِمَنْ أَكْرَمَكَ وَشَكَرَكَ.
135. ما صَحِبَكَ إلا مَنْ صَحِبَكَ وَهُوَ بِعَيْبِكَ عَليمٌ، وَلَيْسَ ذلِكَ إلّا مَوْلاكَ الكَريم. خَيْرُ مَنْ تَصْحَبُ مَنْ يَطْلُبُكَ لَكَ لا لِشَيْءٍ يَعودُ مِنْكَ إليهِ.
136. لَوْ أَشْرَقَ لَكَ نورُ اليَقينِ لَرَأيتَ الآخِرَةَ أَقْرَبَ إلَيْكَ مِنْ أنْ تَرْحَلَ إلَيْها، وَلَرَأيْتَ مَحاسِنَ الدُّنْيا قَدْ ظَهَرَتْ كِسْفَةُ الفَناءِ عَلَيْها.
137. ما حَجَبكَ عَنْ اللهِ وُجودُ مَوجودٍ مَعَهُ، إذْ لا شَيْءَ مَعَهُ، وَلَكِنْ حَجَبَكَ عَنْهُ تَوَهُّمُ مَوجودٍ مَعَهُ.
138. لَوْلا ظُهورُهُ في المُكَوَّناتِ ما وَقَعَ عَلَيْها وُجودُ إبصارٍ. وَلَوْ ظَهَرَتْ صِفاتُهُ اضْمَحَلَّتْ مُكَوَّناتُهُ.
139. أظْهَرَ كُلَّ شَيْءٍ لِأنَّهُ الباطِنُ، وَطوى وُجودَ كُلِّ شَيْءٍ لِأنَّهُ الظّاهِرُ.
140. أباحَ لَكَ أنْ تَنْظُرَ ما في المُكَوَّناتِ، وَما أذِنَ لَكَ أنْ تَقِفَ مَعَ ذَواتِ المُكَوَّناتِ؛ قال انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَلَمْ يَقُلْ: انظروا السَّمواتِ والأَرْض. قال انْظُروا ماذا فيها، فَتَحَ لَكَ بابَ الإفْهامِ. وَلَمْ يَقُلْ انُظروا السَّمواتِ لِئَلّا يَدُلَّكَ عَلى وُجودِ الأجرامِ.
141. الأكوانُ ثابِتَةٌ بإثباتِهِ وَمَمْحُوَّةٌ بأحَديَّةِ ذاتِهِ.
142. النّاسُ يَمْدَحونَكَ لِما يَظُنُّونَهُ فيكَ، فَكُنْ أنْتَ ذاماً لنَفسِكَ لِما تَعْلَمُهُ مِنها.
143. المؤمِنُ إذا مُدِحَ اسْتَحْيا مِنَ اللهِ تَعالى أنْ يُثْنى عَلَيْهِ بِوَصْفٍ لا يَشْهَدُهُ مِنْ نَفْسِهِ.
144. أجْهَلُ النّاسِ مَنْ تَرَكَ يَقينَ ما عِنْدَهُ لِظَنِّ ما عِنْدَ النّاسِ.
145. إذا أطْلَقَ الثَناءَ عَلَيْكَ وَلَسْتَ بأَهْلٍ، فَأثْنِ عَلَيْهِ بِما هُوَ لَهُ أهْلٌ.
146. الزُّهّادُ إذا مُدِحوا انقَبَضوا لِشُهودِهِمُ الثَّناءَ مِنَ الخَلْقِ. وَالعارِفونَ إذا مُدِحوا انْبَسَطوا لِشُهودِهِمْ ذلِكَ مِنَ المَلِكِ الحَقِّ.
147. مَتى كُنْتَ إذا أُعْطيتَ بَسَطَكَ العَطاءُ، وإذا مُنِعْتَ قَبَضَكَ المَنْعُ، فاسْتَدِلَّ بِذلِكَ عَلى ثُبوتِ طُفوليَّتِكَ وَعَدَمِ صِدْقِكَ في عُبوديَّتِكَ.
148. إذا وَقَعَ مِنْكَ ذَنْبٌ فَلا يَكُنْ سَبَباً لِيأسِكَ مِنْ حُصولِ الاسْتِقامَةِ مَعَ رَبِّكَ، فَقَدْ يَكونُ ذلِكَ آخِرَ ذَنْبٍ قُدِّرَ عَلَيْكَ.
149. إذا أَرَدْتَ أنْ يَفْتَحَ لَكَ بابَ الرَّجاءِ فاشْهَدْ ما مِنْهُ إلَيْكَ. وَإذا أَرَدْتَ أنْ يَفْتَحَ لَكَ بابَ الخَوفِ فاشْهَدْ ما مِنْكَ إلَيْهِ.
150. رُبَّما أفادَكَ في لَيْلِ القَبْضِ ما لَمْ تَسْتَفِدْهُ في إشْراقِ نَهارِ البَسْطِ (لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً).
151. مَطالِعُ الأَنْوارِ: القُلوبُ وَالأسْرارُ.
152. نُورٌ مُسْتَوْدَعٌ في القُلوبَ، مَدَدُهُ مِنَ النّورِ الوارِدِ مِنْ خَزائِنِ الغُيوبِ.
153. نُورٌ يَكْشِفُ لَكَ بِهِ عَنْ آثارِهِ، وَنُورٌ يَكْشِفُ لَكَ بِهِ عَنْ أوْصافِهِ.
154. رُبَّما وَقَفَتِ القُلوبُ مَعَ الأنْوارِ، كَما حُجِبَتِ النُّفوسُ بِكَثائِفِ الأَغْيارِ.
155. سَتَرَ أنْوارَ السَّرائِرِ بِكثائِفِ الظَّواهِرِ إجْلالاً لَها أنْ تُبْتَذَلَ بِوجودِ الإظْهارِ، وَأنْ يُنادى عَلَيْها بِلسانِ الاشْتِهارِ.
156. سُبْحانَ مَنْ لم يَجْعَلِ الدَليلَ عَلى أوْلِيائِهِ إلّا مِنْ حَيْثُ الدَّليلُ عَلَيْهِ. وَلَمْ يُوْصِلْ إلَيْهِمْ إلّا مَنْ أرادَ أنْ يُوصِلَهُ إلَيْهِ.
157. رُبَّما أطْلَعَكَ عَلى غَيْبِ مَلَكوتِهِ، وَحَجَبَ عَنْكَ الاسْتِشْرافَ عَلى أسْرارِ العِبادِ.
158. مَنْ اطَّلَعَ عَلى أسْرارِ العِبادِ وَلَمْ يَتَخَلَّقْ بالرَّحْمَةِ الإلهِيَّةِ كانَ اطِّلاعُهُ فِتْنَةً عَلَيْهِ وَسَبَباً لِجَرِّ الوَبال إليِهِ.
159. حَظُّ النَّفْسِ في المَعْصِيَةِ ظاهِرٌ جَليٌّ، وَحَظُّها في الطّاعَةِ باطِنٌ خَفيٌَ، وَمُداواةُ ما يَخْفى صَعْبٌ عِلاجُهُ.
160. رُبَّما دَخَلَ الرِّياءُ عَلَيْكَ مِنْ حَيْثُ لا يَنْظُرُ الخَلْقُ إلَيْكَ.
161. اسْتِشْرافُكَ أنْ يَعْلَمَ الخَلْقُ بِخُصوصِيَّتِكَ دَليلٌ عَلى عَدَمِ صِدْقِكَ في عُبودِيَتَّكَ.
162. غَيِّبْ نَظَرَ الخَلْقِ إلَيْكَ بِنَظَرِ اللهِ إلَيْكَ، وَغِبْ عَنْ إقْبالِهِمْ عَلَيْكَ بِشُهودِ إقْبالِهِ إلَيْكَ.
163. مَنْ عَرَفَ الحَقَّ شَهِدَهُ في كُلِّ شَيْءٍ، وَمَنْ فَنِيَ بِهِ غابَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَمَنْ أحَبَّهُ لَمْ يُؤْثِرْ عَلَيْهِ شَيئاً.
164. إنَّما حَجَبَ الحَقَّ عَنْكَ شِدَّةُ قُرْبِهِ مِنْكَ.
165. إنَّما احْتَجَبَ لِشِدَّة ظُهورِهِ، وَخَفِيَ عَنِ الأبْصارِ لِعِظَمِ نُورِهِ.
166. لا يَكُنْ طَلَبُكَ تَسَبُّباً للعَطاءِ مِنْهُ، فَيَقِلَّ فَهْمُكَ عَنْهُ، وَليَكُنْ طَلَبُكَ لإظْهارِ العُبودِيَّةِ وَقِياماً بِحُقوقِ الرُبوبِيَّةِ.
167. كَيْفَ يَكونُ طَلَبُكَ الّلاحِقُ سَبَباً لِعَطائِهِ السّابِقِ؟
168. جَلَّ حُكْمُ الأزَلِ أَنْ يَنْضافَ إلى العِلَلِ.
169. عِنايتُهُ فيكَ لا لِشَيْءٍ مِنْكَ. وَأيْنَ كُنْتَ حينَ واجَهَتْكَ عِنايَتُهُ وَقابَلَتْكَ رِعايَتُهُ؟! لَمْ يَكُنْ في أزَلِهِ إخلاصُ أعْمالٍ وَلا وُجودُ أحْوالٍ. بَلْ لَمْ يَكُنْ هُناكَ إلّا مَحْضُ الإفْضالِ وَعَظيمُ النَّوالِ.
170. عَلِمَ أنَّ العِبادَ يَتَشَوَّفونَ إلى ظُهورِ سِرِّ العِنايةِ، فَقال: (يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ). وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ خَلّاهُمْ وَذلِكَ لَتَركوا العَمَلَ اعْتِماداً عَلى الأَزَلِ. فَقال (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ).
171. إلى المَشيئَةِ يَسْتَنِدُ كُلُّ شَيْءٍ، لِأنَّ وُقوعَ ما لَمْ يَشَأ الحَقُّ مُحالٌ، وَلا تَسْتَنِدُ هِيَ إلى شَيْءٍ.
172. رُبَّما دَلَّهُمُ الأَدَبُ عَلى تَرْكِ الطَّلَبِ اعْتِماداً عَلى قِسْمَتِهِ وَاشْتِغالاً بِذِكْرِهِ عَنْ مَسْألَتِهِ.
173. إنَّما يُذَكَّرُ مَنْ يَجوزُ عَلَيْهَ الإغْفالُ. وَإنَّما يُنَبَّهُ مَنْ يُمْكِنُ مِنْهُ الإهْمالُ.
174. وُرودُ الفاقاتِ أعْيادُ المُريدينَ.
175. رُبَّما وَجَدْتَ مِنَ المَزيدِ في الفاقاتِ ما لَمْ تَجِدُهُ في الصَّومِ وَالصَّلاةِ.
176. الفاقاتُ بُسُطُ المَواهِبِ.
177. إنْ أرَدْتَ وُرودَ المَواهِبِ عَلَيْكَ، صَحِّحِ الفَقْرَ وَالفاقَةَ لَدَيْكَ؛ (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ).
178. تَحَقَّقْ بأوْصافِكَ يُمِدّكَ بأوصافِهِ. تَحَقَّقْ بِذُلِّكَ يُمِدّكَ بِعِزِّهِ. تَحَقَّقْ بِعَجْزِكَ يُمِدّكَ بِقُدْرَتِهِ. تَحَقَّقْ بِضَعْفِكَ يُمِدّكَ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ.
179. رُبَّما رُزِقَ الكَرامَةَ مَنْ لَمْ تَكْمُلْ لَهُ الاسْتِقامَةُ.
180. مِنْ عَلاماتِ إقامَةِ الحَقِّ لَكَ في الشَّيْءِ إدامَتُهُ إيّاكَ فيهِ مَعَ حُصولِ النَتائِجِ
181. مَنْ عَبَّرَ مِنْ بِساطِ إحْسانِهِ أَصْمَتَتْهُ الإساءةُ، وَمَنْ عَبَّرَ مِنْ بِساطِ إحْسان اللهِ إلَيْهِ لَمْ يَصْمُتْ إذا أساءَ.
182. تَسْبِقُ أنْوارُ الحُكَماءِ أقْوالَهُمْ، فَحَيْثُ صارَ التَّنْويرُ وَصَلَ التَّعْبيرُ.
183. كُلُّ كَلامٍ يَبْرُزُ وَعَلَيْهِ كِسْوَةُ القَلْبِ الَّذي مِنْهُ بَرَزَ.
184. مَنْ أُذِنَ لهُ في التَّعْبيرِ فُهِمَتْ في مَسامِعِ الخَلْقِ عِبارَتُهُ، وَجُلِّيَتْ إلَيْهِمْ إشارَتُهُ.
185. رُبما بَرَزَتِ الحَقائِقُ مَكسوفَةَ الأنْوارَ إذا لَمْ يُؤْذَنْ لَكَ فيها بِالإظْهارِ.
186. عِباراتُهُم إمّا لِفَيَضانِ وَجْدٍ، أوْ لِقَصْدِ هِدايَةِ مُريدٍ. فالأوَّلُ حالُ السّالِكينَ، والثّاني حالُ أرْبابِ المَكِنَةَ والمُحَقِّقينَ.
187. العِباراتُ قُوتٌ لعائِلَةِ المُسْتَمِعينَ، وَلَيْسَ لَكَ إلّا ما أنْتَ لَهُ آكِلٌ.
188. رُبَّما عَبَّرَ عَنِ المَقامِ مَنْ اسْتَشْرَفَ عَلَيْهِ، وَرُبَّما عَبَّرَ عَنْهُ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ، وَذلِكَ يَلْتَبِسُ إلّا عَلى صاحِبِ البَصيرَةِ.
189. لا يَنْبَغي لِلسّالِكِ أنْ يُعَبِّرَ عَنْ وارِداتِهِ؛ فإنَّ ذلِكَ يُقِلَّ عَمَلَها في قَلبِهِ وَيَمْنَعْهُ وُجودَ الصِّدْقِ مَعَ رَبِّهِ.
190. لا تَمُدَّنَ يَدَكَ إلى الأخْذِ مِنَ الخَلائِقِ، إلّا أنْ تَرى أنَّ المُعْطِيَ فِيهِمْ مَوْلاكَ. فإنْ كُنْتَ كَذلِكَ فَخُذْ ما وافَقَ العِلْمَ.
191. رُبَّما اسْتَحْيا العارِفُ أنْ يَرفَعَ حاجَتَهُ إلى مَوْلاهُ اكْتِفاءً بِمَشيئَتِهِ. فَكَيْفَ لا يَسْتَحْيي أنْ يَرْفَعَها إلى خَليقَتِهِ.
192. إذا التَبَسَ عَلَيْكَ أمْرانِ فانْظُرْ أثْقَلَهُما عَلى النَّفْسِ فَاتَّبِعْهُ، فَإنَّهُ لا يَثْقُلُ عَلَيْها إلّا ما كانَ حَقّاً.
193. مِنْ عَلاماتِ اتِّباعِ الهَوى المُسارَعَةُ إلى نَوافِلِ الخَيْراتِ، وَالتَّكاسُلُ عَنِ القِيامِ بِالواجِباتِ.
194. قَيَّدَ الطّاعاتِ بِأعْيانِ الأوْقاتِ كَيْ لا يَمنَعَكَ عَنها وُجودُ التَّسْويفِ. وَوَسَّعَ عَلَيْكَ الوَقْتَ كَيْ تَبْقى لَكَ حِصَّةُ الاخْتِيارِ.
195. عَلِمَ قِلَّةَ نُهوضِ العِبادِ إلى مُعامَلَتِهِ، فَأوْجَبَ عَلَيْهِمْ وُجودَ طاعَتِهِ، فَساقَهُمْ إلَيْهِ بِسَلاسِلِ الإيْجابِ. "عَجِبَ رَبُّكَ مِنْ قَوْمٍ يُساقونَ إلى الجَنَّةِ بِالسَّلاسِلِ".
196. أوْجَبَ عَلَيْكَ وُجودَ خِدْمَتِهِ، وَما أوْجَبَ عَلَيْكَ إلا دُخولَ جَنَّتِهِ.
197. مَنْ اسْتَغْرَبَ أنْ يُنْقِذَهُ اللهُ مِنْ شَهْوَتِهِ، وَأنْ يُخْرِجَهُ مِنْ وُجودِ غَفْلَتِهِ. فَقَدِ اسْتَعْجَزَ القُدْرَةَ الإلهِيَّة، (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا).
198. رُبَّما وَرَدَتِ الظُّلَمُ عَلَيْكَ، لِيُعَرِّفَكَ قَدْرَ ما مَنَّ بِهِ عَلَيْكَ.
199. مَنْ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَ النِّعَمِ بِوجْدانِها عَرَفَها بِوُجودِ فُقْدانِها.
200. لا تُدْهِشْكَ وارِداتُ النِّعَمِ عَنِ القِيامِ بِحُقوقِ شُكْرِكَ. فإنَّ ذلِكَ مِمّا يَحُطُّ مِنْ وُجودِ قَدْرِكَ.
201. تَمَكُّنُ حَلاوَةِ الهَوى مِنَ القَلْبِ هُوَ الدّاءُ العُضالُ.
202. لا يُخْرِجُ الشَّهْوَةَ مِنَ القَلْبِ إلّا خُوْفٌ مُزْعِجٌ أوْ شَوْقٌ مُقْلِقٌ.
203. كَما لا يُحِبُّ العَمَلَ المُشْتَرَكَ لا يُحِبُ القَلْبَ المُشْتَرَكَ. العَمَلُ المُشْتَرَكُ هُوَ لا يَقْبَلُهُ، والقَلْبُ المُشْتَرَكُ لا يُقْبِلُ عَليه.
204. أنْوارٌ أُذِنَ لَها في الوُصولِ وَأَنْوارٌ أُذِنَ لَها في الدُّخولِ.
205. رُبَّما وَرَدَتْ عَلَيْكَ الأنْوارُ فَوَجَدَتِ القَلْبَ مَحْشُوّاً بِصُوَرِ الآثارِ فَارْتَحَلَتْ مِنْ حَيْثُ نَزَلَتْ.
206. فَرِّغْ قَلْبَكَ مِنَ الأَغْيارِ تَمْلأهُ بِالمَعارِفِ والأسْرارِ.
207. لا تَسْتَبْطِئْ مِنْه النَّوالَ، وَلكِنِ اسْتَبْطئْ مِنْ نَفْسِكَ وُجودَ الإقْبالِ.
208. حُقوقٌ في الأوْقاتِ يُمْكِنُ قَضاؤها، وَحُقوقٌ في الأوْقاتِ لا يُمْكِنُ قَضاؤها. إذْ ما مِنْ وَقْتٍ يَرِدُ إلا وللهِ عَلَيْكَ فيهِ حَقٌ جَديدٌ وَأَمْرٌ أكيدٌ. فَكَيْفَ تَقْضي فيهِ حَقَّ غَيْرِهِ وَأنْتَ لَمْ تَقْضِ حَقَّ اللهِ فيهِ؟
209. ما فاتَكَ مِنْ عُمُركَ لا عِوَضَ لَهُ، وَما حَصَلَ لَكَ مِنْهُ لا قيمَةَ لَهُ.
210. ما أحْبَبْتَ شَيئاً إلا كُنْتَ لَهُ عَبْداً، وَهُوَ لا يُحِبُّ أنْ تَكونَ لِغَيْرِهِ عَبْداً.
211. لا تَنْفَعُهُ طاعَتُكَ وَلا تَضُرُّهُ مَعْصِيَتُكَ. وإنَّما أمَرَكَ بِهذِهِ وَنَهاكَ عَنْ هذِهِ لِما يَعودُ عَلَيْكَ.
212. لا يَزيدُ في عِزِّهِ إقْبالُ مَنْ أَقْبَلَ، وَلا يَنْقُصُ مِنْ عِزِّهِ إدْبارُ مَنْ أدْبَرَ.
213. وُصولُكَ إلى اللهِ وُصولُكَ إلى العِلْمِ بِهِ، وَإلّا فَجَلَّ رَبُّنا أنْ يَتَّصِلَ بِهِ شَيْءٌ أوْ يَتَّصِلَ هُوَ بِشَيْءٍ.
214. قُرْبُكَ مِنْهُ أنْ تَكونَ مُشاهِداً لِقُرْبِهِ، وَإلّا فَمِنْ أيْنَ أنْتَ وَوجودُ قُرْبِهِ؟
215. الحَقائِقُ تَرِدُ في حالِ التَّجَلّي مُجْمَلَةً، وَبَعْدَ الوَعيِ يَكونُ البَيانُ. (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ. ثُمَّ إن عَلَيْنَا بَيَانَهُ).
216. مَتى وَرَدَتِ الوارِداتُ الإلهيَّةُ إلَيْكَ هَدَمَتِ العَوائِدَ عَلَيْكَ، (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا).
217. الوارِدُ يًأتي مِنْ حَضْرَةِ قَهّارٍ، لِأجْلِ ذلِكَ لا يُصادِمُهُ شَيْءٌ إلّا دَمَغَهُ (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ).
218. كَيْفَ يَحْتَجِبُ الحَقُّ بِشَيْءٍ وَالَّذي يَحْتَجِبُ بِهِ هُوَ فيهِ ظاهِرٌ، وَمَوجودٌ حاضِرٌ.
219. لا تَيأسْ مِنْ قَبولِ عَمَلٍ لَمْ تَجِدْ فيهِ وُجودَ الحُضورِ. فَرُبَّما قَبِلَ مِنَ العَمَلِ ما لَمْ تُدْرِكْ ثَمَرَتَهُ عاجِلاً.
220. لا تُزَكِّيَنَّ وارِداً لا تَعْلَمُ ثَمَرَتَهُ، فَليْسَ المُرادُ مِنَ السَّحابَةِ الإمْطارَ، وإنَّما المُرادُ مِنْها وُجودُ الإثْمارِ.
221. لا تَطْلُبَنَّ بَقاءَ الوارِداتِ بَعْدَ أنْ بَسَطَتْ أنْوارَها وَأُوْدَعَتْ أسْرارَها، فَلَكَ في اللهِ غِنىً عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَلَيْسَ يُغْنيكَ عَنْهُ شَيْءٌ.
222. تَطَلُّعُكَ إلى بَقاءِ غَيْرِهِ دَليلٌ عَلى عَدَمِ وِجْدانِكَ لَهُ. وَاسْتيحاشُكَ لِفُقْدانِ ما سواهُ دَليلٌ عَلى عَدَمِ وُصْلَتِكَ بِهِ.
223. النَّعيمُ وإنْ تَنَوَّعَتْ مَظاهِرُهُ إنَّما هُوَ بِشُهودِهِ وَاقْتِرابِهِ. وَالعَذابٌ وَإنْ تَنَوَّعَتْ مَظاهِرُهُ إنَّما هُوَ لِوجودِ حِجابِهِ. فَسَبَبُ العَذابِ وُجودُ الحِجْابِ، وإتْمامُ النَّعيمِ بِالنَّظَرِ إلى وَجْهِ اللهِ الكَريمِ.
224. ما تجَدُهُ القُلوبُ مِنَ الهُمومِ وَالأحْزانِ فلِأَجْلِ ما مُنِعَتْهُ مِنْ وُجودِ العَيانِ.
225. مِنْ تَمامِ النِّعْمَةِ عَلَيْكَ أنْ يَرْزُقَكَ ما يَكْفيكَ وَيَمْنَعَكَ ما يُطْغيكَ.
226. لِيَقِلَّ ما تَفْرَحُ بِهِ، يَقِلَّ ما تَحْزَنُ عَلَيْهِ.
227. إنْ أرَدْتَ أنْ لا تُعْزَلَ فَلا تَتَولَّ وِلايَةً لا تَدومُ لَكَ.
228. إنْ رَغَّبَتْكَ البِداياتُ زَهَّدَتْكَ النِهاياتُ. إنْ دَعاكَ إلَيْها ظاهِرٌ نَهاكَ عَنْها باطِنٌ.
229. إنَّما جَعَلَها مَحَلَّا للأَغْيارِ وَمَعْدِناً لِوُجودِ الأكْدارِ تَزهيداً لَكَ فيها.
230. عَلِمَ أنَّكَ لا تَقْبَلُ النُّصْحَ المُجَرَّدَ، فَذَوَّقَكَ مِنْ ذَواقِها ما يُسَهِّلُ عَلَيْكَ وُجودَ فِراقِها.
231. العِلْمُ النّافِعُ هُوَ الَّذيِ يَنَبَسِطُ في الصَّدْرِ شُعاعُهُ ويُكَشَفُ بِهِ عَنِ القَلْبِ قِناعُهُ.
232. خَيرُ عِلْمٍ ما كانَتِ الخَشيَةُ مَعَهُ.
233. العِلْمُ إنْ قارَنَتْهُ الخَشْيَةُ فَلَكَ، وَإلّا فَعَلَيْكَ.
234. مَتى آلَمَكَ عَدَمُ إقْبالِ النّاسِ عَلَيْكَ أوْ تَوَجُهُهُمْ بِالذَّمِّ إلَيْكَ، فَارْجِعْ إلى عِلْمِ اللهِ فيكَ، فَإنْ كانَ لا يُقْنِعُكَ عِلْمُهُ فَمُصيبَتُكَ بِعَدَمِ قَناعَتِكَ بِعِلْمِهِ أشَدُّ مِنْ مُصيبَتِكَ بِوُجودِ الأذى مِنْهُمْ.
235. إنَّما أجْرى الأذى عَلى أيْديهِمْ كَيْ لا تَكونَ ساكنِاً إلَيْهِمْ. أرادَ أنْ يُزْعِجَكَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتى لا يَشْغَلَكَ عَنْهُ شَيْءٌ.
236. إذا عَلِمْتَ أنَّ الشَّيْطانَ لا يَغْفُلُ عَنْكَ فَلا تَغْفُلْ أنْتَ عَمَّنْ ناصِيَتُكَ بِيَدِهِ.
237. جَعلَهُ لَكَ عَدّواً لِيَحُوشَكَ بِهِ إلَيْهِ، وَحَرَّكَ عَلَيْكَ النَّفْسَ لِيَدومَ إقْبالُكَ عَلَيْهِ.
238. مَنْ أثْبَتَ لِنَفْسِهِ تَواضُعاً فَهُوَ المُتَكَبِّرُ حَقّاً. إذْ لَيْسَ التَّواضُعُ إلّا عَنْ رِفْعَهٍ. فَمَتى أثْبَتَّ لِنَفِسَكَ تَواضُعاً فَأنْتَ المُتَكَبِّرُ حَقّاً.
239. لَيْسَ المُتَواضِعُ الَّذي إذا تَواضَعَ رَأى أنَّهُ فَوْقَ ما صَنَعَ. وَلكِنَّ المُتَواضِعَ الَّذي إذا تَواضَعَ رَأى أنَّهُ دُونَ ما صَنَعَ.
240. التَّواضُعُ الحَقيقيُّ هُوَ ما كانَ ناشِئاً عَنْ شُهودِ عَظَمَتِهِ وَتَجَلّي صِفَتِهِ.
241. لا يُخْرِجُكَ عَنِ الوَصْفِ إلا شُهودُ الوَصْفِ.
242. المُؤْمِنُ يَشْغَلُهُ الثَّناءُ عَلى اللهِ عَنْ أنْ يَكونَ لِنَفْسِهِ شاكِراً. وَتَشْغَلُهُ حُقوقُ اللهِ عَنْ أنْ يَكونَ لِحُظوظِهِ ذاكِراً.
243. لَيْسَ المُحِبُّ الَّذي يَرْجو مِنْ مَحْبوبِهِ عِوَضاً أوْ يَطْلُبُ مِنهُ غَرَضاً، فَإنَّ المُحِبَّ مَنْ يَبْذُلُ لَكَ، لَيْسَ المُحِبُّ مَنْ تَبْذُلُ لَهُ.
244. لَوْلا مَيادينُ النُّفوسِ ما تَحَقَّقَ سَيْرُ السّائِرينَ. إذْ لا مَسافَةَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ حَتى تَطْوِيَها رِحْلَتُكَ. وَلا قَطيعَةَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ حتى تَمْحُوَها وُصْلَتُكَ.
245. جَعَلَكَ في العالَمِ المُتَوَسِّطِ بَينَ مُلْكِهِ وَمَلَكوتِهِ لِيُعَلِّمَكَ جَلالَةَ قَدْرِكَ بَيْنَ مَخْلوقاتِهِ، وَأنَّكَ جَوْهَرَةٌ تَنْطَوي عَلَيْكَ أصْدافُ مُكَوَّناتِهِ.
246. إنَّما وَسِعَكَ الكَونُ مِنْ حَيْثُ جُثْمانِيَّتُكَ وَلَمْ يَسَعْكَ مِنْ حَيْثُ ثُبوتِ رُوحانيَّتِكَ.
247. الكائِنُ في الكَونِ، وَلَمْ تُفْتَحْ لَهُ مَيادينُ الغُيوبِ، مَسْجونٌ بِمُحيطاتِهِ، وَمَحْصورٌ في هَيْكَلِ ذاتِهِ.
248. أنْتَ مَعَ الأكْوانِ ما لَمْ تَشْهَدِ المُكَوِّنَ، فَإذا شَهِدْتَهُ كانَتِ الأكْوانُ مَعَكَ.
249. لا يَلْزَمُ مِنْ ثُبوتِ الخُصوصِيَّةِ عَدَمُ وَصْفِ البَشَريَّةِ، إنَّما مَثَلُ الخُصوصِيَّةِ كإشْراقِ شَمْسِ النَّهارِ ظَهَرَتْ في الأُفُقِ وَلَيْسَتْ مِنْهُ. تارَةً تُشْرِقُ شُموسُ أوصْافِهِ عَلى لَيْلِ وُجودِكَ. وَتارَةً يَقْبِضُ ذلِكَ عَنْكَ فَيَرُدُّكَ إلى حُدودِكَ، فَالنَّهارُ لَيْسَ مِنْكَ وَإلَيْكَ، وَلكِنَّهُ وارِدٌ عَلَيْكَ.
250. دَلَّ بِوُجودِ آثارِهِ عَلى وُجودِ أسْمائِهِ. وبِوجودِ أسْمائِهِ عَلى ثُبوتِ أوصْافِهِ، وَبِثُبوتِِ أوْصافِهِ عَلى وُجودِ ذاتِهِ. إذْ مُحالٌ أنْ يَقومَ الوَصْفُ بِنَفْسِهِ. فأرْبابُ الجَذْبِ يَكْشِفُ لَهُمْ عَنْ كَمالِ ذاتِهِ، ثُمَّ يَرُدُّهُمْ إلى شُهودِ صِفاتِهِ، ثُمَّ يُرْجِعُهُمْ إلى التَّعَلُّقِ بأسْمائِهِ، ثُمَّ يَرُدُّهُمْ إلى شُهودِ آثارِهِ. وَالسّالِكونَ عَلى عَكْسِ هذا. فَنِهايَةُ السّالِكينَ بِدايَةُ المَجْذوبينَ، وَبِدايَةُ السّالكينَ نِهايَةُ المَجْذوبينَ؛ لكِنْ لا بِمَعْنىً واحِدٍ؛ فَرُبَّما التَقَيا في الطَّريقِ، هذا في تَرَقّيهِ وهذا في تَدَلّيهِ.
251. لا يُعْلَمُ قَدْرُ أنْوارِ القُلوب والأسْرار إلّا في غَيْبِ المَلَكوتِ. كَما لا تَظْهَرُ أنْوارُ السَّماءِ إلّا في شَهادَةِ المُلْكِ.
252. وِجْدانُ ثَمَراتِ الطّاعاتِ عاجِلاً بَشائِرُ العامِلينَ بِوُجودِ الجَزاءِ عَلَيْها آجِلاً.
253. كَيْفَ تَطْلُبُ العِوَضَ عَلى عَمَلٍ هُوَ مُتَصَدِّقٌ بِهِ عَليكَ، أمْ كَيْفَ تَطْلُبُ الجَزاءَ عَلى صِدْقٍ هُوَ مُهْديهِ إلَيْكَ؟!
254. قَوْمٌ تَسْبِقُ أنْوارُهُمْ أذْكارَهُمْ، وَقَوْمٌ تَسْبِقُ أذْكارُهُمْ أنْوارَهُمْ، وَقَوْمٌ تَتَساوى أذْكارُهُمْ وَأنْوارُهُمْ، وَقَوْمٌ لا أذْكارَ وَلا أنْوارَ.. نَعوذُ بِاللهِ مِنْ ذلِكَ
255. ذاكِرٌ ذَكَرَ لِيَسْتَنيرَ قَلْبُهُ فَكانَ ذاكِراً، وَذاكِرٌ اسْتَنارَ قَلْبُهُ فَكانَ ذاكِراً، وَالَّذي اسْتَوَتْ أذْكارُهُ وَأنْوارُهُ فَبِذِكْرِهِ يُهْتَدى وَبِنورِهِ يُقْتَدى.
256. ما كانَ ظَاهِرُ ذِكرٍ إلا عَنْ باطِنِ شُهودٍ وَفِكْرٍ.
257. أشْهَدَكَ مِنْ قَبْلِ أنْ يَِسْتَشْهِدَكَ فَنَطَقَتْ بِإلهيَّتِهِ الظَّواهِرُ، وَتَحَقَّقَتْ بأَحَدِيَّتِهِ القُلْوبُ والسَّرائِرُ
258. أكْرَمَكَ اللهُ بِكراماتٍ ثَلاثٍ: جَعَلَكَ ذاكِراً لَهُ، وَلَوْلا فَضْلُهُ لَمْ تَكُنْ أهْلاً لِجَرَيانِ ذِكْرِهِ عَلَيْكَ، وَجَعَلَكَ مَذْكوراً بِهِ، إذْ حَقَّقَ نِسْبَتَهُ لَدَيْكَ، وَجَعَلَكَ مَذْكوراً عِنْدَهُ فَتَمَّمَ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ.
259. رُبَّ عُمُرٍ اتَّسَعَتْ آمادُهُ وَقَلَّتْ أمْدادُهُ، وَرُبَّ عُمُرٍ قَليلَةٌ آمادُهُ كَثيرَةٌ أمْدادُهُ.
260. مَنْ بُورِكَ لَهُ في عُمُرِهِ أدْرَكَ في يَسيرٍ مِنَ الزَّمَنِ مِنْ مِنَنِ اللهِ تَعالى ما لا يَدْخُلُ تَحْتَ دَوائِرِ العِبارَةِ وَلا تَلْحَقُهُ الإشارَةِ.
261. الخِذْلانُ كُلُّ الخِذْلانِ أَنْ تَتَفَرَّغَ مِنْ الشَّواغِلِ ثُمَّ لا تَتَوَجَّهَ إلَيْهِ، وَتَقِلَّ عَوائِقُكَ ثُمَّ لا تَرْحَلَ إلَيْهِ.
262. الفِكْرَةُ سَيْرُ القَلْبِ في مَيادينِ الأَغْيارِ.
263. الفِكْرَةُ سِراجُ القَلْبِ، فَإذا ذَهَبَتْ فَلا إضاءَةَ لَهُ.
264. الفِكْرَةُ فِكْرَتانِ: فِكْرَةُ تَصْديقٍ وَإيمانٍ، وَفِكْرَةُ شُهودٍ وَعِيانٍ. فَالأُولى لِأَرْبابِ الاعْتِبارِ، وَالثّانِيَةُ لِأَرْبابِ الشُّهودِ وَالاسْتِبْصارِ
assalamualaikum wr wb , terima kasih ustadz
ReplyDeletewaalaikumsalam. iya sama-sama
DeleteASSALAMUALAIKUM WR WB MAKASIH USTADZ IZIN UNTUK MEMPELAJARI
ReplyDeletewaalaikumsalam, ia sama-sama
Deletesilahkan
ASSALAMUALAIKUM WR WB MAKASIH USTADZ IZIN UNTUK MEMPELAJARI
ReplyDeletewaalaikumsalam iya silahkan
Delete